فضاء حر

أخبــــار محــــاولات الاغتيال الفاشــــلة تتعــــرض لمحـــاولات اغتيال فاشـــلة أيضــــاً

يمنات

يبدو أن فرق الاغتيالات باتت تعمل بشكل جيد وأكثر تنظيما في اليمن بحيث أن أي محاولة اغتيال تفشل تتبعها محاولة اغتيال ثانية لخبر المحاولة الفاشلة نفسها قبل أن تستكمل الأجهزة الرسمية تحقيقاتها وتتوصل إلى حقيقة ما حدث.

وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ" نشرت خبرا عن نجاة أمين العاصمة عبدالقادر هلال من محاولة اغتيال فاشلة أثناء تفقده التحضيرات لاستقبال عيد الأضحى في منطقة باب اليمن بعد منتصف هذه الليلة. لكن خبر محاولة الاغتيال الفاشلة لم يطل برأسه من نافذة وكالة سبأ للأنباء قبل أقل من ساعتين من الآن، حتى بدأت فرقة من "القناصة الفيسبوكين" في إطلاق أعيرتهم النارية عليه، أقصد على الخبر قبل أن يعرف أحد ما الذي حدث بالضبط.

لا أدري من أين يستقي الفيسبوكيون الذين استبسلوا في التشكيك بالخبر معلوماتهم، فكل ما لاحظته أنهم يستميتون في التشكيك بالخبر وكفى! لكن، هل يسمحون لي بأن ألفت انتباههم إلى أن الخبر نشرته وكالة الأنباء الرسمية وأن الوكالة استندت في خبرها هذا إلى مصدر في اللجنة الأمنية؟! أم أن الوكالة "عفاشية" واللجنة الأمنية "عفاشية" أيضا كما يسعون جاهدين إلى التشكيك بالخبر؟!

خبر محاولة الاغتيال الفاشلة حمل تفاصيل دقيقة قلما نجدها في حالات كهذه بعد الواقعة مباشرة، ويبدو أن هذا ما دفع الفرقة الفيسبوكية إلى شن غارة شرسة ضد الخبر في محاولة لقتله. فقد قال المصدر الأمني "لوكالة الانباء اليمنية (سبأ) إن المرافقين الشخصيين لأمين العاصمة قاموا على الفور بملاحقة الشخص الذي قام بإطلاق النار والذي كان على متن دراجة نارية يقودها شخص اخر, وتمكنوا من ضبطه مع سائق الدراجة وتسليمهما إلى أقرب قسم شرطة".

"وكشف المصدر أن أجهزة الامن باشرت التحقيقات مع المضبوطين وتبين لها من خلال التحقيقات الأولية معهما أنهما جنديان منتسبان لإحدى الوحدات الأمنية في حين كانا يرتديان زيا مدنيا وقت الحادث".

 

هذا خبر بالغ الأهمية لا يستطيع أحد التشكيك به فورا دون معلومات وثيقة ودقيقة تدحضه حتى وإن كان من يسعى إلى دحضه أكبر صحفي وأكبر وكالة صحفية في العالم ناهيك عن أن يكون مجرد "مفسبك" يهرف بما لا يعرف! ومثل هذه المحاولة لا تخص عبدالقادر هلال وحده بل تمس كل اليمنيين الذين من حقهم معرفة من يعبث بأمن الناس ويحول أجهزة الدولة إلى أدوات لارتكاب الجريمة والاغتيالات.

والاغتيالات ليست مسألة للتندر والفكاهة يا اعزائي، كما أن أمين العاصمة يقف في مرمى حملة متصاعدة منذ الخميس الماضي جراء مناشدته الرئيس هادي بإخلاء العاصمة من المعسكرات. وبسبب هذه المناشدة، كان هدفا لحملة إعلامية من كثيرين بينهم من يتندرون الآن من خبر محاولة اغتياله الذي ما نزال جميعا بحاجة للتأكد منه، لكن يتوجب علينا جميعا أن نتعامل معه بالقدر المطلوب من المسئولية الإنسانية والوطنية بدلا من التندر والاستخفاف و"قلة العقل".

 

مناشدة هلال المشار إليها هنا أعقبتها مناشدة مماثلة من اللقاء المشترك. ولمن لا يعلم بجذور القضية التي تضمنتها مناشدتا الخميس الماضي، فالقضية التي حملتاها ضاربة الجذور في التاريخ اليمني المعاصر وليست قضية اللحظة. إنها قضية بالغة الخطورة.

قضية إخراج المعسكرات من العاصمة والمدن تعود للأزمة الانتقالية الأولى ومرحلة الاغتيالات الانتقالية الأولى اللتين أعقبتا قيام وحدة مايو 1990 واستمرتا حتى حرب صيف 1994: أي أن هذه القضية التي حملتها مناشدتا هلال والمشترك ليست بالأمر الهين، فقد كانت من الأسباب التي أدت إلى إشعال حرب 1994.

بعبارة أخرى، مثل هذا الخبر المتعلق بمحاولة اغتيال أمين العاصمة ليس من طينة الأخبار التي يتم التندر منها، بل هو خبر بالغ الأهمية ومتوقع جداً. ومن يتندر منه قبل أن يتم التأكد من صحته ودقته هو أحد شخصين: إما أنه لا يعرف شيئا عن مدى أهمية وخطورة قضية إخراج المعسكرات من العاصمة صنعاء وبقية المدن كقضية وطنية تاريخية عالقة منذ عقود، أو أنه من المدفوعين بوعي أو بدون وعي للتغطية على الجريمة ومرتكبيها. ولا أظن الشبان الذي انجروا الى التندر من هذا الخبر من طينة الشر الذي ينجر عمداً الى التغطية على القتلة وجرائم الاغتيالات في مرحلة عصيبة كهذه مرشحة للغرق في الدم حتى أذنيها في أية لحظة.

زر الذهاب إلى الأعلى